مصر تجري محادثات مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل | اقتصاد
تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في إطار سعيها إلى تجنب الشراء من السوق الفورية الأكثر تكلفة لتلبية الطلب على الطاقة، وفق ما نقلت رويترز عن 3 مصادر.
وعادت مصر إلى وضع المستورد الصافي للغاز الطبيعي، إذ اشترت عشرات الشحنات خلال العام الجاري وتخلت عن خطتها للتحول إلى مورّد لأوروبا، وسط انخفاض حاد في إنتاج الغاز المحلي.
وأشارت بيانات مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جيه أو دي آي) إلى تراجع إمدادات الغاز الطبيعي المحلية في سبتمبر/أيلول الماضي إلى أدنى مستوى في 7 سنوات، ويرجع ذلك إلى انخفاض الإنتاج من حقل ظهر وزيادة استهلاك الطاقة.
وتشير بيانات شركة الاستشارات إنرجي أسبكتس إلى توقعات بانخفاض إنتاج الغاز المحلي 22.5% إضافية بحلول نهاية 2028، وفي الوقت نفسه يتوقع محللون زيادة استهلاك الطاقة في البلاد 39% على مدى العقد المقبل.
3 أو 4 سنوات
وقال مصدر في القطاع “تسعى وزارة (البترول) إلى توفير إمدادات لـ3 أو 4 سنوات للتحوط من الزيادات المفاجئة في الأسعار، وترغب أيضا في الاتفاق على شروط مرنة أملا في العثور على إمدادات غاز في وقت قريب أو عدم الحاجة إلى إمدادات كبيرة”.
وقال مصدران تجاريان إن القاهرة تجري محادثات بشكل أساسي مع شركات في الولايات المتحدة وشركات تتولى تجميع وبيع الإنتاج من شركات أميركية، نظرا لمرونتها مقارنة بالمنتجين الآخرين.
وطلبت المصادر الثلاثة من رويترز عدم ذكر أسمائها، لأنها غير مخولة بالحديث عن هذه المسألة علنا.
ونقلت الوكالة عن مصادر تجارية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قولها إن من المتوقع أن تجري مصر مناقصة لشراء ما يصل إلى 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال لتغطية الطلب في الربع الأول من 2025، ودفعت مصر علاوة تتراوح بين دولار ودولارين مقابل مشتريات من الغاز المسال حصلت عليها في وقت سابق من العام الجاري.
وارتفعت أسعار الغاز المسال في السوق الفورية مؤخرا إلى ما يقارب 14.50 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من نحو 12 دولارا حينما بدأت القاهرة طرح مناقصات للشراء، مما يرفع تكلفة الشحنات الجديدة، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة في النقد الأجنبي.
وقال المصدر الأول إن مصر تعكف على تجهيز البنية التحتية اللازمة لاستيراد الغاز المسال في العين السخنة والإسكندرية، وأفادت شركة كبلر لتحليل البيانات الشهر الماضي بأنه من المتوقع أن تضع مصر وحدة عائمة ثانية للتخزين وإعادة التغويز في أوائل العام المقبل.
وأظهرت بيانات تتبع السفن من “كبلر” أنه منذ أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الجاري حولت 4 شحنات من الغاز الطبيعي المسال مسارها من مصر إلى أوروبا.
وقال وزير البترول كريم بدوي أول أمس الاثنين إن إنتاج الغاز شهد زيادة 200 مليون قدم مكعبة بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مضيفا أنه يأمل في إضافة 420 مليون قدم مكعبة يوميا بحلول العام المقبل من حقلي ظهر وريفين، وهما اثنان من الامتيازات الرئيسية في مصر.
وعلاوة على الزيادة المحتملة في الإنتاج، قال المصدر الأول إن درجات الحرارة الأقل عن المتوقع ساهمت في تقليل استهلاك الطاقة وحجم الهدر عبر شبكة التوزيع.
ورغم الخطط الطموح التي وضعتها مصر لتصبح دولة رئيسية مصدرة للغاز بعد اكتشاف شركة إيني حقل ظهر البحري عام 2015 اضطرت القاهرة للعودة إلى سوق الغاز الطبيعي المسال لتلبية الاحتياجات المحلية.
وانخفض متوسط إنتاج حقل ظهر -وهو أكبر حقل غاز في مصر- إلى 1.9 مليار قدم مكعبة يوميا في النصف الأول من العام الجاري، مما أثار مخاوف حيال التحديات الفنية أو انخفاض الاستثمار.
مستحقات الشركات
وتعاني مصر من أزمة تأخر السداد لشركات النفط والغاز العاملة في مجالات الاستكشاف والإنتاج فيها، مما أدى إلى توقف البحث والاستكشاف في مشروعات متعددة، منها حل ظهر (أكبر حقول الغاز في مصر والواقع في البحر المتوسط).
وقالت وزارة البترول والثروة المعدنية في مصر الشهر الجاري إن خطط القاهرة لسداد مستحقات شركات النفط العالمية تتضمن إجراءات، منها ربط سداد هذه المستحقات المتأخرة بزيادة الإنتاج.
وأضافت الوزارة في بيان أنها أطلقت في الآونة الأخيرة حزمة حوافز لدفع الشركاء إلى زيادة الإنتاج بما يتجاوز المستويات الحالية، مع تخصيص الإيرادات الإضافية الناجمة عن هذه الزيادة لسداد الديون.
وقال وزير البترول والثروة المعدنية المصري كريم بدوي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إن مصر “بدأت في تطبيق بعض الآليات الجديدة فيما يخص سداد مستحقات الشركاء، منها المحافظة على انتظام سداد دفعات ثابتة بما يضمن استكرارية واستدامة السداد”.
ولا تزال تفاصيل حزمة الحوافز الأوسع غير معلنة، لكنها تهدف إلى تشجيع زيادة الإنتاج، في الوقت الذي تواجه فيه مصر انخفاضا ملحوظا في إنتاج الغاز المحلي، والذي وصل في مايو/أيار الماضي إلى أدنى مستوى له في 6 سنوات.
واستجابة للتراجع تعهدت شركة إيني في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ببذل جهود لاستعادة بعض معدلات إنتاج الغاز في حقل ظهر بحلول أوائل العام المقبل.