اقتصاد

العراق تحت قبضة الدولار.. ما تأثير ذلك على المواطنين؟

بغداد- يواجه اقتصاد العراق تحديات كبيرة نتيجة لارتباطه الوثيق بالدولار الأميركي، فالتقلبات في سعر الصرف، وسيطرة مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) على النظام المالي، تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الاقتصادي في العراق.

وانعكس هذا التأثير بشكل مباشر على حياة المواطن العراقي من جهة ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتآكل قيمة الأجور، وانخفاض القدرة الشرائية.

ملف شائك

أكّد رئيس المركز الوطني للمراقبة والتقييم في العراق، محمد البغدادي، أن قضية الدولار تعتبر من الملفات الشائكة والمعقدة في الاقتصاد العراقي، مشيرا إلى أن هذا الملف يرتبط بمحورين رئيسيين، هما سيطرة البنك الفدرالي الأميركي على التعاملات بالدولار، والعرض والطلب.

وقال البغدادي -في حديث خاص للجزيرة نت- “إن الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كامل على موضوع الدولار وسعر صرفه، مبينا أن العملة الأميركية ترِد إلى العراق عن طريق بيع النفط، لكن، للأسف، هذه الأموال تكون في حسابات خاضعة لسيطرة الحكومة الأميركية”.

وأضاف أن العراق يواجه صعوبات كبيرة في السيطرة على موضوع الدولار، وقال: “العراق بلد مستهلك، وخلال عملية بيع الدولار لمحال الصرافة والبنوك، يتم سحب كميات كبيرة منه وبيعها على شكل حوالات خارجية لتمويل الواردات العراقية”.

البنك المركزي العراقي
الدولار يعادل 1320 دينارا عراقيا بالسعر الرسمي ويتراوح بين 1490 و1510 دنانير بالسعر الموازي (الجزيرة)

وتابع أن موضوع سيطرة الاحتياطي الفدرالي الأميركي على هذه التعاملات المالية يضع قيودا كبيرة على العراق في هذه العمليات، لافتا إلى أن سعر الصرف يعتمد بشكل كلي على كمية العرض والطلب.

ورغم مضي نحو 3 سنوات على بدء عمل منصة إلكترونية لمراقبة حركة الدولار، فإن أسعار صرف الدينار مقابل العملة الأميركية لا تزال تشهد تفاوتا كبيرا بين السعر الرسمي المعلن من البنك المركزي والبالغ 1320 دينارا عراقيا للدولار الواحد، وسعر السوق السوداء أو ما يعرف بالسعر الموازي الذي يتراوح بين 1490 و1510 دنانير عراقية مقابل كل دولار.

دول الجوار

وشدد البغدادي على أن الحكومة المركزية تحاول السيطرة على تدفق رؤوس الأموال من العراق إلى دول الجوار لتمويل الواردات، لكنه أمر صعب جدا بسبب تهريب كميات من النقد.

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي كاظم جابر أن التقلبات الحادة في سعر صرف الدولار في العراق لا تقتصر أسبابها على دول الجوار، بل تمتد لتشمل تأثيرات النظام المالي الدولي، خصوصا نظام سويفت (للتحويلات المالية) والسياسات النقدية لبنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي.

ولفت جابر -خلال حديثه للجزيرة نت- إلى أن هذا النظام يفرض قيودا صارمة على حركة الأموال نحو الدول، مما يجعلها عرضة للتأثيرات الخارجية.

وفي الرابع من سبتمبر/أيلول الماضي أعلن البنك المركزي العراقي إنهاء العمل بالمنصة الإلكترونية للتحويلات الخارجية، مطلع العام المقبل.

ويقوم عمل المنصة، في مرحلته الأولى، على إعادة تنظيم التحويلات المالية بما يؤمِّن الرقابة الاستباقية عليها بدلا من الرقابة اللاحقة من خلال تدقيق الاحتياطي الفدرالي الحوالات اليومية.

تكتل بريكس

ورأى جابر أن محاولات الحكومة العراقية السيطرة على سعر الصرف تواجه تحديات كبيرة بسبب الاعتماد الكبير على نظام سويفت، مشيرا إلى أن العراق يسعى جاهدا لتحقيق مزيد من الاستقلالية المالية عن النظام المالي العالمي الحالي من خلال السعي للانضمام إلى تكتل بريكس الاقتصادي الذي يهدف إلى بناء نظام مالي بديل يعتمد على سلة من العملات، ما يقلل من هيمنة الدولار ويمنح الدول الأعضاء خيارات أوسع في التعاملات المالية الدولية.

وشدد على أن اللجوء إلى السوق الموازي قد يكون حتميا لتلبية احتياجات القطاع الخاص في ظل هذه الظروف.