سياسة

يمتد من العراق الى فلسطين.. ممر داوود بين النبوءة التوراتية والواقع: سنغير الشرق الأوسط

بغداد أوبزرفر – بغداد 

شكّلت خطوة ظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على منبر الأمم المتحدة وبيده خريطة يعلن فيها عن تحالف ونظام جديد في الشرق الأوسط في تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم، نقطة تحوّل مفصلية واضحة، لفهم ما يمكن أن تؤول إليه الأمور في المنطقة برمّتها، حيث يبدو أنَّ أيّ تسوية مرتقبة في كلٍّ من غزّة ولبنان لن تكون خارج هذا السياق.

ويوم الاثنين الماضي، أكد نتنياهو، أن حكومته تعمل بطريقة منهجية على تفكيك ما أسماه “محور الشر”، مشدداً بالقول على إسرائيل ستغير الشرق الأوسط

وقال نتنياهو في كلمة له يوم الإثنين، إثر سقوط نظام بشار الأسد يوم الأحد الماضي في سوريا: “نعمل بطريقة منهجية على تفكيك محور الشر، وقلت إننا سنغير الشرق الأوسط فقد دمرنا كتائب حماس وضربنا حزب الله في لبنان وقتلنا نصر الله“. 

وتابع نتنياهو: “أمس فتح فصل جديد في تاريخ الشرق الأوسط فنظام الأسد انهار بعد 54 عاما من الحكم”، في إشارة منه إلى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وسيطرة المعارضة

ولفت نتنياهو، إلى أن “محور الشر لم ينته ولكننا نغير الشرق الأوسط ونعزز موقعنا كدولة مركزية في المنطقة”، مبيناً أنه “لا تزال أمامنا تحديات كبيرة ولكن كلي أمل بأن إسرائيل ستبقى إلى الأبد، ونعمل على ضمان أمننا في مواجهة الوضع الجديد في سوريا“.

تغيير ملامح الشرق الأوسط الحالي بات مرتقبًا، وذلك بما يحقق ممرًا متصلًا لما أطلق عليه (ممر داوود) ومن ثم تأمين (إسرائيل الكبرى). 

ولم يعد ذلك مجرد سيناريو افتراضي، بل واقع تسعى إليه إسرائيل مستفيدةً من التعقيدات والتشابكات الإقليمية والدولية الحالية، التي تعتبرها الفرصة الأكثر ملاءمة لتحقيق ذلك، سواء أتحقق ذلك عبر الحروب المدمّرة أو بالتسويات والمقايضات والمفاوضات.

فإسرائيل استغلت فرصة السابع من تشرين الأول (أكتوبر) “الذهبية” للانطلاق نحو ما تهدف إليه، واستطاعت أن تقدم تغييرًا جذريًا لناحية ما يُعرف بمعادلة توازن الكلفة لتحقيق “أمنها” وإنفاذ مآربها.

فبعد أن كانت في السابق تعمد إلى حروب سريعة ومعاهدات للسلام، وتلجأ للمفاوضات لمبادلة أسراها، نجدها الآن تبدي استعدادًا لدفع أثمان “باهظة” مقابل تنفيذ ما يراه اليمين “نبوءة توراتية” عليها إتمامها تحت مسمى (شرق أوسط جديد) لا مكان فيه “للميليشيات” ولا “لأشباه الدول” حسب التوصيف الإسرائيلي.

ونقلت وكالة “رويترز” عن 3 مصادر وصفتها بأنها أمنية، اليوم الثلاثاء (10 كانون الأول 2024)، قولها إن التوغل العسكري الإسرائيلي في سوريا وصل إلى نحو 25 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق.

ونقلت “رويترز” عن مصدر أمني سوري قوله إن القوات الإسرائيلية وصلت إلى قطنا في جنوب سوريا، وهي على عمق 10 كيلومترات داخل الأرضي السورية، من شرق المنطقة العازلة التي تفصل سوريا عن الجولان المحتل.

ويأتي ذلك التوسع في التوغل الإسرائيلي، رغم زعم الجيش الإسرائيلي أنه ينوي العمل فقط داخل المنطقة العازلة، وليس أبعد من ذلك.

وقال الجيش الإسرائيلي، الأحد، إنه أرسل قوات برية إلى المنطقة منزوعة السلاح، وهي منطقة عازلة تبلغ مساحتها 400 كيلومتر مربع أقيمت بموجب اتفاقية فصل القوات لعام 1974 وتشرف عليها قوة مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة (يوندوف).

وفيما يبدو أنَّ الحرب لن تتوقف إلا بعد إنهاء كل تلك الكيانات العسكرية غير النظامية وتطويع الأنظمة الإقليمية الرسمية الأخرى بما يلائم هذا المسار، الذي يبدو أن القوى العالمية الكبرى برمتها “موافقة” عليه، مع الاختلاف على بعض الشكليات الظاهرية حول الأوضاع الإنسانية، التي لا تغير من حقيقة المسار المجمع على تنفيذه.