تكنولوجيا

قلق وخوف ورسائل لا تنتهي.. كيف يقود جنسن هوانغ أكبر شركة تقنية في العالم؟


كشف جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، عن الجانب النفسي الخفي لقيادة إحدى كبرى شركات التكنولوجيا في العالم، مؤكّدًا أن “الإحساس بعدم اليقين” لم يغادره طوال أكثر من 30 عامًا قضاها على رأس الشركة، حتى مع تحوّلها اليوم إلى أعلى الشركات من ناحية القيمة السوقية في العالم. وجاءت تصريحات هوانغ خلال حلقة حديثة من بودكاست “The Joe Rogan Experience” تحدث فيها بصراحة عن الضغوط الذهنية التي رافقته منذ أولى الأيام لإنفيديا، عندما كانت الشركة على حافة الإفلاس أكثر من مرة خلال تسعينات القرن الماضي، قبل أن تقودها طفرة الذكاء الاصطناعي إلى قيمة سوقية تقارب 4.4 تريليون دولار حاليًا. وقال هوانغ: “إن هذا الشعور لا يتغير؛ الإحساس بالهشاشة وعدم اليقين وانعدام الأمان لا يختفي أبدًا”. وحتى مع النجاحات الضخمة التي حققتها إنفيديا، وتحوّل معالجاتها إلى ركيزة أساسية في ثورة الذكاء الاصطناعي، أوضح هوانغ أن الخوف من الفشل ما زال المحرك الأساسي له، مضيفًا: “لدي دافع أكبر لعدم الفشل أكثر من رغبتي في النجاح، وأنا دائمًا في حالة قلق مستمرة”. لا تعارض بين القيادة والهشاشة أكد هوانغ، الذي يُعد من أطول الرؤساء التنفيذيين بقاءً في قطاع التكنولوجيا، أن الهشاشة لا تتعارض مع القيادة، قائلًا: “لا يوجد أي تناقض بين أن تكون قائدًا وأن تكون هشًّا. الشركة لا تحتاج مني أن أكون عبقريًا طوال الوقت أو واثقًا بنسبة قدرها 100% من كل قرار”. وأوضح أن الاعتراف بإمكانية الخطأ يمنحه مرونة تعديل المسار، وتغيير الإستراتيجيات عند الحاجة، مشيرًا إلى أن القائد الذي يعتقد أنه على صواب دائمًا يفقد القدرة على التكيّف مع المتغيرات. تجارب كادت تُنهي إنفيديا استعاد هوانغ إحدى أخطر اللحظات في تاريخ الشركة، عندما عجزت إنفيديا في بداياتها عن الوفاء بعقد مع شركة “سيجا” اليابانية، قبل أن يمنحها الرئيس التنفيذي للشركة آنذاك دعمًا طارئًا بقيمة قدرها 5 ملايين دولار أنقذها من السقوط، وهي التجربة التي شكّلت فلسفته في الإدارة طوال العقود التالية. وقال ساخرًا: “أنا لست طموحًا. كل ما أريده هو البقاء على قيد الحياة”. آلاف الرسائل يوميًا ولا إجازات أشار هوانغ إلى أنه يبدأ يومه بقراءة بريده الإلكتروني لساعات، ويتعامل مع آلاف الرسائل يوميًا، في إطار ما وصفه بثقافة “اليقظة الدائمة”، مؤكدًا أن الانتباه المستمر هو السبيل الوحيد للبقاء في الصدارة. وجدّد هوانغ اعترافه بإدمانه على العمل، إذ يعمل سبعة أيام في الأسبوع ولساعات طويلة، مشيرًا إلى أن ابنيه يعملان أيضًا داخل إنفيديا ويتّبعان النهج نفسه. نجاح مشوب بالمعاناة وفي ختام حديثه، شدّد هوانغ على أن النجاح لا يأتي دون ثمن نفسي قاسٍ، قائلًا: “إن هناك مدد طويلة من المعاناة والقلق والعزلة والخوف والإحراج. كل تلك المشاعر التي لا نحبّها هي جزء من الرحلة”. وأضاف قائلًا: “إن المعاناة جزء من الطريق، ومن المهم أن يعرف الناس ذلك بوضوح”. ويختصر بذلك جنسن هوانغ فلسفة قيادته؛ وهي أن النجاح ليس محطة للراحة، بل بداية لمسؤولية أثقل وقلق أكبر لا يفارق عقله. نسخ الرابط تم نسخ الرابط