سياسة

هل تعلم أن "التطبيع" مادة واجبة التنفيذ في الدستور العراقي؟ – عاجل


+A
-A

بغداد أوبزرفر – بغداد

هل تعلم أنّ كلمة “التطبيع” مذكورة أصلًا في الدستور العراقي، لكن بمعنى مختلف تمامًا عن الجدل الدائر اليوم حول “التطبيع مع إسرائيل”؟

فمنذ أمس، أثار مقطع مصوّر للبطريرك لويس ساكو ضجّة واسعة على منصّات التواصل، بعد أن جرى اقتطاع حديثه وتفسيره على أنّه دعوة إلى “التطبيع”، قبل أن توضح بطريركية الكنيسة الكلدانية في بيانها أنّ ساكو كان يقصد أنّ على الدول أن “تطبّع مع العراق” بوصفه بلد الديانات وإبراهيم، لا مع بلدٍ آخر، وأنّ كلامه جاء في سياق تشجيع التوجّه نحو العراق كوجهة دينية وسياحية، لا في سياق الموقف من إسرائيل.

أمّا في الدستور العراقي، فتظهر كلمة “التطبيع” في المادة (140)، التي تُحمّل السلطة التنفيذية المنتخبة مسؤولية استكمال ما نصّت عليه المادة (58) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، من خلال إنجاز مسار يشمل التطبيع والإحصاء والاستفتاء في كركوك والمناطق الأُخرى المتنازع عليها لتحديد إرادة مواطنيها قبل نهاية عام 2007. هنا، يعني “التطبيع” معالجة آثار سياسات التعريب السابقة، وإعادة الأوضاع الإدارية والسكانية إلى وضعٍ عادل يمهّد لاستفتاء على مستقبل تلك المناطق، ولا علاقة له بإقامة علاقات مع أيّ دولة أجنبية.

في المقابل، يحمل مصطلح “التطبيع” عندما يُقترن بإسرائيل معنى مختلفًا بالكامل في القانون العراقي. ففي عام 2022 أقرّ مجلس النواب قانون تجريم التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني، الذي يوسِّع تعريف التطبيع ليشمل أيّ تواصل أو علاقة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو إعلامية مع إسرائيل، بشكل مباشر أو غير مباشر، ويضع عقوبات قاسية تصل إلى السجن المؤبّد أو الإعدام في بعض الحالات. ومنذ إقرار القانون، شهدت المحاكم العراقية قضايا مرتبطة باتهامات “الترويج أو التواصل” مع الكيان عبر المنصّات الرقمية، ما يعكس حساسية المصطلح في الوعي الشعبي والقضائي على حدّ سواء.

بهذا المعنى، تصبح كلمة “التطبيع” في الخطاب العراقي مزدوجة الوجه:

وجهٌ دستوري يرتبط بملف كركوك والمناطق المتنازع عليها داخل العراق، هدفه تطبيع الأوضاع الداخلية وإنهاء إرث سياسات التعريب، ووجهٌ سياسي – قانوني يرتبط حصريًا بإسرائيل ويُجرَّم صراحةً بموجب قانون خاص. وبين هذين الوجهين، تتحوّل أيّ إشارة للمصطلح في الخطب أو التصريحات العامة، كما حدث في حالة ساكو، إلى مادّةٍ سريعة الاشتعال، إذا لم تُقرأ في سياقها الكامل وتُفهم بدقّة قبل إطلاق الاتهامات.

المصدر: بغداد أوبزرفر+ وكالات