
بغداد أوبزرفر | في مشهدٍ وصفه مراقبون بأنه “استفزازٌ للذاكرة الوطنية” و“رسالة سياسية خطيرة”، عاد رافع طه الرفاعي، المعروف إعلامياً بـ “مفتي منصات الاعتصام” وأحد الوجوه البارزة في التحريض ضد الدولة العراقية في سنوات الفتنة، إلى بغداد بعد سنوات من الإقامة خارج العراق.
عودة الرفاعي لم تمرّ بهدوء… بل تزامنت مع أجواء الانتخابات النيابية المقبلة، في لحظة سياسية شديدة الحساسية، ما فتح الباب واسعاً أمام أسئلة مقلقة: هل عاد “التحريض القديم” بثوبٍ جديد؟ وهل يعاد تدوير خطاب الفتنة في بغداد؟
الوجه الدعوي لداعش
في العام 2014، كان اسم رافع الرفاعي يتردّد بقوة عبر المنصات والخطب، باعتباره “الوجه الخارجي لداعش”، وفق وصف أحد كبار علماء الدين السنة في العراق آنذاك.
الرفاعي كان يعتلي المنابر ويهاجم قوات الحشد الشعبي ويتهمها بحرق المساجد وقتل السنة وسرقة البيوت، متجاهلاً الجرائم التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية بحق آلاف العراقيين من مختلف المكونات.
لم يتوقف الأمر عند الخطاب فقط؛ فقد خطب في سامراء وتكريت قائلاً عبارته الشهيرة: «اسمعونا هزيز رصاصكم»، وهي الدعوة التي كانت بمثابة إشارة انطلاق لمرحلة سوداء شهدت فيها البلاد مجازر مروّعة.
سبايكر.. الذاكرة التي لا تُمحى
بعد تلك الخطابات بأسابيع، ارتُكبت مجزرة مجزرة سبايكر، التي راح ضحيتها أكثر من 2000 طالب عسكري، إلى جانب آلاف المدنيين من القوات الأمنية والشرطة.
كما تحولت مدن عراقية إلى ركام نتيجة اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وسط نزوحٍ جماعي ودمارٍ هائل.
اليوم، يثير استقبال أحد الوجوه التي لعبت دوراً في التحريض على تلك الأحداث غضباً شعبياً واسعاً وتساؤلات سياسية وأمنية حادة.
فتوى الأرهابي الرفاعي يوم مجزرة سبايكر
— د. قصي شفيق (@qusay19658073) October 8, 2025
بعد قتل وذبح 1700 شاب عراقي
شكرا للحكومة شكرا للجميع على استقبال من قتل العراقيين وحرض على ابناء البلد الواحد
مفتي داعش وسط بغداد استقبال رسمي وحماية حكومية خاصة مشددة
الله إكبر أنا لله وانا اليه راجعون
ماذا فعل المنصب والكرسي بنا (… pic.twitter.com/YAnStNjiDc
عودة تحت غطاء سياسي
عودة الرفاعي إلى بغداد لم تأتِ في الظل، بل جرى استقباله استقبالاً لافتاً بموكب سيارات فارهة بينها سيارة Rolls-Royce Cullinan موديل 2025، تُقدّر قيمتها بأكثر من 3.5 مليون دولار، إلى جانب سيارات من الطراز نفسه ضمن موكبه.
هذه العودة التي جرت وسط أجواء انتخابية، تُقرأ من قبل محللين سياسيين على أنها محاولة لإعادة تموضع شخصيات كانت في دائرة الاتهام بالتحريض الطائفي، ضمن مشهد سياسي جديد يفتقر إلى المحاسبة.
قلق أمني وشعبي
خبراء أمنيون يرون في هذه العودة “مؤشراً خطيراً على ضعف أدوات الردع”، ويؤكدون أن ظهور شخصيات كانت واجهة لخطاب التطرف، من دون إجراءات قانونية واضحة، قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من التوترات.
في المقابل، عبّر كثير من المواطنين وذوي ضحايا الإرهاب عن استيائهم مما وصفوه بـ “الاستقبال الفاخر لإرهابي بالأمس”، فيما لم يصدر حتى اللحظة أي توضيح رسمي من الجهات القضائية أو الأمنية حول طبيعة وضع الرفاعي القانوني.
العدالة المعلّقة
في الوقت الذي يتحدث فيه السياسيون ليل نهار عن “التضحيات” و“حماية الدم العراقي”، يرى مراقبون أن صمت القيادات الرسمية والدينية أمام هذه العودة يهدد هيبة الدولة ويهين ذاكرة آلاف الشهداء.